هذا التقرير هو الأول من بين خمسة تقارير ربعية أوكلت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى المركز السوري لبحوث السياسات مهمّة إعدادها وهي تهدف إلى تقديم تقييم متواصل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سورية خلال الأزمة الحالية، بالاستناد إلى التحديثات الرسمية المتاحة، ونماذج الاقتصاد القياسي لتقدير المؤشرات الرئيسة الأخرى. وستشكّل هذه التقارير أداة تخطيطية وإطاراً للأونروا، وستكون متاحة أيضاً لوكالات الأمم المتحدة والأطراف المهتمّة، من أجل صياغة السياسات والبرامج التي تتجاوز في نظرتها الحالة الإنسانية الطارئة إلى التداخلات ذات الصلة وتوجيه جهود إعادة الإعمار والتنمية في سورية . ويبني هذا التقرير على الإطار، والتحاليل، والمنهجية، التي طوّرها المركز في تقريره السابق “الجذور و الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة السورية” الذي حلّل الأوضاع عام 2012 (المركز السوري لبحوث السياسات، 2013).
طوال أكثر من عامين، شهدت سورية نزاعاً داخلياً مسلحاً ولد من رحم أزمة اجتماعية وسياسية عميقة. صحيح أن العامل المبدئي المحفّز للنزاع بدا محلياً، إلا أنه اتخذ لاحقاً أبعاداً وطنية، وإقليمية، ودولية معيقة، تعزّز أزمة معقّدة الأبعاد وذات عواقب سياسية واقتصادية واجتماعية لن يكون من السهل حلّها من خلال الدبلوماسية أو الحرب. علاوة على ذلك، يعمل النزاع المسلّح وبوتيرة متسارعة على استنزاف رأس المال البشري، والأصول المنتجة، والثروة الاقتصادية للبلاد، مع تعزيز العنف وحالة العدائية التي تخرّب التماسك الاجتماعي والتنوّع. وقد نجم عن النزاع تحويل الموارد من الفعاليات المنتجة إلى الفعالية الهدّامة في بيئة تزخر بالجريمة، وانعدام القانون، والإرهاب. وسيكون لتواصل هذه التوجّهات طوال العام 2013 آثار كارثية على التنمية الإجمالية في البلاد.