بالتعاون مع العديد من الباحثين والمختصين والمهتمين في المجتمع المدني السوري، يستكمل المركز السوري لبحوث السياسات في إطار مشروع استشراف بدائل الحل للأزمة السورية محاولة ربط البحوث والمعارف مع الخيارات السياسية بمنهجية علمية تشاركية، وفي هذه الدراسة يقدم المركز تحليلاً لسيناريوهات الأزمة التي اعتمدت على استقصاء لآراء الخبراء السوريين لتحديد أكثر السيناريوهات احتمالاً وأكثرها تفضيلاً، ورسم خارطة الفاعلين في الأزمة السورية. ويقدم تحليلاً لدور الضربة الامريكية المحتملة في سيناريوهات الأزمة السورية.
وتخلص الدراسة المرفقة إلى الرسائل التالية:
- تعتزم الإدارة الأمريكية توجيه ضربة عسكرية “محدودة” للنظام في سورية في وقت قريب بقرار من خارج مجلس الأمن، لاضعاف قدرات النظام العسكري بخاصة فيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية حسب المصرح به من قبل الإدارة الأمريكية، وتقوم نتائج هذه الدراسة على هذا النطاق للضربة.
- الضربة المحتملة تزيد من احتمال سيناريوهات استمرار النزاع المسلح، والحسم العسكري للمعارضة، وانهيار الدولة، بينما تقلل إلى حد كبير من فرص سيناريوهات الحل السياسي وبطبيعة الحال سيناريو الحسم العسكري للنظام.
- بحسب تحليل حجم القوى الفاعلة ودرجة دعمها لكل من سيناريوهات الأزمة، تظهر الدراسة أن الأكثر استفادة من الضربة المحتملة على المستوى الداخلي هي الكتائب الإسلامية وفي السيناريوهات الثلاثة المرجحة نتيجة الضربة. أما على المستوى الخارجي، فإن إسرائيل الأكثر استفادة من الضربة كونها الداعم الأول لسيناريوهي استمرار النزاع المسلح وانهيار الدولة، أما أمريكا فهي داعمة لهذين السيناريوهين ولكن بدرجة أقل. وتعتبر السعودية وقطر مستفيدين من الضربة المحتملة كونهم يدعمون بدرجات متفاوتة السيناريوهات الثلاثة التي تعزز الضربة من احتمال حدوثها.
- أظهرت نتائج الدراسة أن أميركا تدعم بالدرجة الأولى سيناريو المفاوضات بثقل خارجي، ولكن مع قيامها بالضربة فهي تقوم بالتقليل بشكل كبير من احتمالية حصول سيناريو المفاوضات على حساب زيادة الدعم لسيناريوهات أخرى مثل استمرار النزاع وانهيار الدولة، الأمر الذي يظهر تناقضاً بين أولويات الضربة وأولويات أمريكا بحسب تحليل السيناريوهات في الأزمة السورية.
- ستزيد الضربة بالدرجة الأولى من احتمالية حدوث سيناريو استمرار النزاع المسلح إضافة إلى تعزيز حصول سيناريو انهيار الدولة واللذان يعتبران أكثر السيناريوهات دعماً من قبل إسرائيل والكتائب الإسلامية، وبالتالي يمكن الاستنتاج أن الضربة تدعم خيار هذين الفاعلين بشكل رئيسي. أي أن الضربة الأمريكية تعزز المصالح الاسرائيلية والكتائب الإسلامية إلى حد كبير.
- من وجهة نظر المصلحة السورية، التناقض واضح بين أولويات الضربة والأولويات المفضلة وفق رؤيا سورية المستقبل، حيث تعزز الضربة إلى حد كبير احتمالية استمرار النزاع المسلح الذي يعد أسوأ السيناريوهات المحتملة بحسب الرؤيا المستقبلية أي أن الهدف الرئيسي للضربة يسير في عكس اتجاه مصلحة سورية المستقبلية والأمر نفسه ينطبق على ازدياد احتمالية الدولة الفاشلة وأخيراً وبدرجة أقل الحسم العسكري للمعارضة. بالمقابل تقلل الضربة احتمالية أكثر سيناريوهين مفضلين وهما المفاوضات بثقل داخلي وبثقل خارجي حيث تضعف الضربة احتمالات الحل السياسي بشكل ملموس.
- ستقود الضربة وفق السيناريوهات المحتملة إلى زيادة الخسائر البشرية والمادية واستمرار تدهور ظروف المعيشة وازدياد معدلات الفقر والهجرة والنزوح، وتشجع داعمي الخيارات المسلحة من مختلف الأطراف.