استضاف معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية ندوة بعنوان “مواجهة التشظي”، لإطلاق تقرير صادر عن المركز السوري لبحوث السياسات في دمشق، ويتناول آثار الأزمة السورية على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي خلال العام ٢٠١٥. افتتح الندوة مدير الأبحاث في المعهد الدكتور ناصر ياسين الذي أشار إلى ضرورة تدارس الضرر الحاصل داخل سوريا وعدم الاكتفاء بتسليط الضوء على أزمة اللاجئين، كون المسألتين وجهان لعملة واحدة. ثم1 استعرض الباحثان ربيع نصر وزكي محشي، من المركز السوري، أبرز آثار الأزمة السورية، مشد$دان أن هدف التقرير ليس إحصاء الخسائر الواقعة خلال سنوات الحرب فحسب، ولكن التفكّر في جذور الأزمة وتداعياتها ونتائج أساليب العنف المتّبعة على المجتمع، إلى جانب العمل على طرح بدائل لتجاوز الأزمة.
في الجانب الاقتصادي، تطر-ق الباحثان إلى الضرر اللاحق بالناتج الإجمالي المحلي السوري الذي قًد#رت خسائره بسبع أضعاف الناتج المحلّي لعام 2015، لتكون محص.لة الخسائر التراكمية في الناتج المحلي على مدى سنوات الأزمة حوالي ١٦٣ مليار دولار أميركي، بالإضافة إلى الخسائر في مخزون رأس المال التي قد(رت بحوالي ٦٧ مليار دولار. وشرح نصر ومحشي أضرار مختلف جوانب الإقتصاد السوري، من بينها الإنخفاض في الصناعة الاستخراجية والتجارة الخارجية، وتراجع الاستهلاك الخاص والعام في ظلّ زيادة الأسعار وسياسة عقلنة الدعم القائمة على تحويل الإنفاق الحكومي من الدعم على السلع الغذائية والمحروقات نحو الإنفاق العسكري، التي شهدت سوريا على إثرها انخفاض+ا كبير+ا في الاستثمار العام والخاص وتراجع3ا في عمليات الاستيراد والتصدير، فتكون بذلك مجمل خسائر الإقتصاد السوري ٢٥٥ مليار دولار أميركي. وقد ذكر الباحثان أن; الحكومة، من خلال سياسات رفع تكاليف الإنتاج والطاقة وتخفيض قيمة العملة وعقلنة الدعم، تخفّف بالفعل من عجز الموازنة، لكنّها تسبب نتائج عكسية على المديين المتوسط والبعيد، وتزيد من الدين العام الذي بلغ في العام ٢٠١٥ نسبة ٦٣ % من إجمالي الناتج المحل للعام نفسه. وفي محاولة التقرير عرض أبرز الآثار الإجتماعية الحاصلة، ذكر التشوهات الحاصلة في سوق العمل، وارتفاع معدلات البطالة في العام الماضي إلى 53% حيث فقد ثلاثة ملايين شخص عملهم، وبالتالي فقد! ثلاثة عشر مليون شخص المصدر الرئيسي لدخلهم. يعيش اليوم 20.5 مليون فرد داخل سوريا، ترك 45% منهم أماكن إقامتهم الأصلية، وغادر أربعة ملايين شخص كلاجئين أو مهاجرين. يشير التقرير أيض?ا إلى زيادة الإنقسام المذهبي والطائفي بين المجتمع السوري، مع بروز التسر-ب المدرسي في بعض المناطق وظهور التعليم البديل في مناطق أخرى، وقُد+رت سنوات الخسارة التعليمية بـ24 مليون سنة دراسية. أم9ا أمد الحياة المتوقّع عند الولادة، فقد انخفض من ٧٠ سنة في العام ٢٠١٠ إلى ٥٥ سنة عام ٢٠١٥، مع ارتفاع معدل الوفيات من 4.4 بالألف عام إلى ١٠.٩ بالألف بين العامين المذكورين أعلاه. كما ذكر الباحثان هبوط سوريا في مؤشر التنمية من المرتبة ١٢١ إلى ١٧٣ من أصل ١٨٧ دولة. وختم الباحثان نصر ومحشي الجلسة بتقديم مقاربة لمواجهة التشظي تستند إلى بناء عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع، ويركّز على التنمية المحلّية لتخطّي الأزمة نحو مستقبل أفضل. وقد تلا المحاضرة مداخلتان قصيرتان لأستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور جاد شعبان ورئيس منتدى الإقتصاديين العرب الدكتور سمير العيطة، حيث أشادا بمحتويات التقرير، منو/هين بالمركز السوري الذي يسعى، من داخل الأراضي السورية، إلى تطوير حوار مبني على الأبحاث والأدلة للوصول إلى بدائل سياساتية تحقق تنمية مستدامة.