انفصال عن الواقع وتجاهل مقومات النزاع:
تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة لعام 2015، منذ حينه تقوم هذه الدول بتقييم ومراجعة ما حققته من أهداف من خلال إشراك المعنيين، بما في ذلك الوكالات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص. تلخص التقارير الوطنية جهود الدولة وسياساتها ومبادراتها المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة. وتسلط الضوء على الإنجازات والتحديات وأفضل الممارسات، والدروس المستفادة. وغالباً ما تتضمن تقارير المراجعة الوطنية الطوعية بيانات ودراسات وأمثلة للمشاريع أو السياسات المنفذة للنهوض بأهداف التنمية المستدامة.
قام المركز السوري لبحوث السياسات بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية والعديد من منظمات المجتمع المدني السوري بالتحضير لتقرير بديل مستقل حول مدى تحقيق أهداف التنمية المستدامة في سوريا في ظل النزاع القائم. بناءً عليه تم عقد منتدى حوار تنموي حول أهداف التنمية المستدامة (جلستين)، ومناقشة أبرز ما جاء في التقرير الحكومي لعام 2023، والمواضيع التي ينبغي التركيز عليها في التقرير البديل. وبناء عليه تم إعداد هذا التقرير ليقدم قراءة للحالة التنموية في سوريا.
وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:
- يعد استخدام منهجية أهداف التنمية المستدامة لقياس وتشخيص التدهور المرتبط بالنزاع أداة قاصرة بسبب تركيز هذه المنهجية على المؤشرات الكمية دون تشخيص الديناميكيات والسياسات التي تحقق أو تعيق الأهداف. كما أنها تحيّد العديد من الجوانب الهيكلية في التحليل مثل قضايا الاستبداد السياسي والاستخدام المُمنهج للعنف وعلاقات الهيمنة والاستغلال الإقليمية والدولية. بالإضافة إلى تغييب الجوانب الاجتماعية والثقافية كالقيم والشبكات الاجتماعية. كما أنها تفتقر لآليات تفرض إلزامية التنفيذ ومساءلة الحكومات والفاعلين الرئيسيين.
- يأتي الاستعراض الحكومي منفصلاً عن الواقع إلى حدٍّ بعيد. فمن حيث مخرجات التنمية، يَفترض أنه سيحقق أهداف الصحة والتعليم بحلول عام 2030، ويُركز على بعض الاختلالات التنموية ويتجاهل أن البلاد تعاني من الانهيار التنموي في مختلف المجالات نتيجة النزاع المستمر.
- أما من ناحية الفاعلين والنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووظائفها ودورها في النزاع، فيُلاحظ تجاهل الاستعراض الحكومي أبعاد النزاع وأدوار الحكومة السورية والقوى غير الدولاتية والقوى المدنية فيه. إنما يعزو أسباب الانهيار إلى عوامل خارجية ترتبط بالعقوبات أو القوى الخارجية المناهضة له.
- إن المسار التنموي لسوريا خلال النزاع يشير إلى خسارة أكثر من خمسة عقود من التنمية، وتتجسد هذه الخسائر في الجوانب المختلفة للتنمية سياسياً، واجتماعياً واقتصادياً وبيئياً. وقدّم هذا التقرير بعض الأدلة على هذا الانهيار الكبير المستمر في ظل النزاع. مقارنة مع الاستعراض الحكومي الذي يعاني من اختلالات منهجية في القياس والتحيز في اختيار الأدلة أو نطاقها المكاني والزماني.
- إن الاستمرار بالسياسات الحالية لا يؤكد استحالة تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 فحسب، بل يُعزز مقومات النزاع والانهيار ويقود إلى مسار عكسي للتنمية.
- إن التشخيص الموضوعي لمخرجات وديناميكيات التنمية هو محطة رئيسية لتطوير مسار تجاوز النزاع بمشاركة مجتمعية واسعة، وبما يسهم في مواجهة مقومات النزاع والاستثمار في محركات التنمية القائمة على العدالة والاستدامة والسلام والازدهار. ولا يمكن أن يتم ذلك دون حشد الجهود نحو حل سياسي عادل ومستدام.
اضغط/ي هنا لقراءة التقرير كاملاً:
باللغة العربية:
A critical reading of the Syrian government’s report 2023.AR
باللغة الإنكليزية:
A critical reading of the Syrian government’s report 2023. En