نظم المركز السوري لبحوث السياسات بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية وبحضور ممثلين عن منظمات مجتمع مدني سوري ومراكز بحثية سورية مستقلة جلستي حوار تشاركي عبر الإنترنت يومي 23 و25 حزيران (يونيو) حول التقييم المستقل لأداء أهداف التنمية المستدامة في سوريا 2023.
هدفَ اللقاء التشاوري للتحضير لتقديم تقرير مستقل حول حالة التنمية في سوريا والتنسيق لتقديم مداخلة في المنتدى السياسي رفيع المستوى حول أهداف التنمية المستدامة والذي سيعقد في الفترة بين 10-19 تموز (يوليو) 2023 في نيويورك. إذ تقوم الأمم المتحدة باستعراض دوري لأداء الدول في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2023، ويقوم الاستعراض بمناقشة تقارير طوعية تقدم من قبل الحكومات حول الحالة التنموية في كل من الدول الأعضاء. كما تقوم جهات مستقلة بتقديم تقارير ظل/بديلة لتصويب أو استكمال ما أغفلته التقارير الحكومية من وجهة نظر المجتمع المدني.
تأتى أهمية تقديم تقرير مستقل حول الحالة التنموية في سوريا من حالة النزاع الدموي المستعصي خلال السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة، حيث تشظت البلاد سياسياً واجتماعياً وانخرطت الحكومة السورية مباشرة في عمليات قمع وتدمير ممنهج، وتشكلت قوى سياسية وعسكرية غير دولاتية انخرطت بالنزاع المسلح، مع تدخل مباشر وغير مباشر من قبل قوى دولية وإقليمية من خلال الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي لأطراف النزاع.
لقد أحدث النزاع دماراً غير مسبوقا لمقومات التنمية وبنى مقومات للعنف والظلم والتهميش مما يجعل خيارات تجاوز النزاع وتجاوز آثاره عملية بعيدة المنال. وبناء عليه تفتقر التقارير الرسمية للموضوعية في قراءة المؤشرات التنموية من جهة، وتتسم بالتحيز في تفسير السببية، كما تعاني من تدهور في قدرات المؤسسات العامة على انتاج الاحصائيات وتحليل السياسات، بالإضافة إلى قصور تغطيتها لمختلف المناطق والقضايا التنموية ذات الصلة.
في الجلسة الحوارية الأولى تم تقديم عرض موجز عن التقارير الطوعية التي تقدمها الدول حول الحالة التنموية فيها. والتي يتم إعدادها كل سنتين بشكل تطوعي، بهدف تبادل الخبرات وعرض التقدم المحرز والتحديات التي تواجهها في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتمت الإشارة إلى إمكانية مشاركة ممثلون عن المجتمع المدني بتقرير ظل لمناقشة ما تم تحقيقه، وإبداء رأيهم في التقرير الذي قدمته حكومة بلدهم. قدم المشاركون بعدها مداخلاتهم وملاحظاتهم حول التقرير المعد من قبل الحكومة السورية. وتوصلوا إلى عدم إمكانية عد هذا التقرير مراجعة وطنية، فهو لا يقيم موضوعياً التنمية المستدامة في سوريا ويتهرب من مسؤولية الحكومة عن النزاع الدموي، ويغيب العوائق الرئيسية التي تحول دون إنهاء النزاع كالاستبداد وتسييس الهوية واقتصاديات العنف والظلم.
واتفق المشاركون على ضرورة تقديم سردية مختلفة لقياس وتقييم الحالة التنموية في سوريا، فالبلاد تسير بعكس اتجاه أهداف التنمية المستدامة. ويعد إنهاء النزاع بطريقة عادلة شرطاً أولياً للاتجاه نحو التنمية المستدامة. وقد قام المشاركون في الجلسة الحوارية الثانية بتبادل الآراء والخبرات حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة في سوريا، واتفقوا على النقاط الرئيسية والخطوط العريضة التي ينبغي التطرق إليها في تقرير الظل الذي سيجري إنجازه.