يهدف بحث “الأمل المحاصر” إلى تقييم التحديات التي يوجهها اليافعون واليافعات في سوريا في التعليم وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، بالإضافة إلى تحديد مدى تمتع الفتيات والفتيان بحقوقهم، وتوضيح الجوانب الأساسية لحالات عدم المساواة. كما تم تصميم البحث لتحليل المسببات المباشرة والضمنية والبنيوية لأي فجوة أو انتهاك لحقوق الفتيات والفتيان في سياق النزاع المسلح.
ويمتاز البحث بتطوير منهجية بحثية مركبة متعددة الأدوات، تتسم بالابتكار والتشاركية والحساسية الجندرية في سياق النزاع المستمر في سوريا. ارتكزت المنهجية على التشاور مع اليافعين واليافعات بطرق تفاعلية مبتكرة، متناسبة مع أعمارهم سمحت لهم بالتعبير عن أنفسهم وآرائهم من خلال أنشطة جماعية تتضمن الحوار والكتابة والرسم وغيرها. وصممت الأنشطة لفهم وتحليل التحديات والاحتياجات والتهديدات وانتهاكات الحقوق الأساسية، والأسباب والعوامل التي تؤثر في اليافعين واليافعات، وطموحاتهم الأساسية والخيارات والمجالات التي يمكن إجراء تدخلات فيها. وبالإضافة للمشاورات مع اليافعين تضمن البحث مقابلات معمقة ومجموعات مركزة مع الأهالي والخبراء ومقدمي الرعاية.
وتمثلت التشاركية في البحث من خلال اختيار الباحثين والميسرين والموثقين من المجتمعات المعنية، ومن ثم اختيار عينات واسعة ومتنوعة من اليافعين واليافعات والبالغين المرشحين للمشاركة. وبعد اختيار العينة النهائية نفذت المشاورات مع ٦٤٢ فتاة وفتى والذين تراوحت أعمارهم بين ١٣ -١٨ عاماً، وشملت المشاورات ١١ منطقة سورية (إدلب، حلب، الباب، حمص، طرطوس، دمشق، الغوطة الشرقية، التل، السويداء، الرقة). وشمل البحث مشاركين من الريف والمدينة، ومن الملتحقين بالمدرسة ومن هم خارجها، ومن النازحين ومن المجتمعات المضيفة وأيتاماً ويافعين من ذوي الإعاقة ويافعين متزوجين وآخرين عاملين، وذلك لضمان تضمين أصوات اليافعين واليافعات.
والتزم الفريق بمعايير مرتفعة لأخلاقيات البحث في كافة المراحل، لمراعاة خصوصية هذه الفئة العمرية وظروف النزاع وفقدان الاستقرار، وجائحة كوفيد 19، وللتأكيد على احترام خصوصية الأهالي واليافعين وضمان مشاركتهم في البحث ومناقشة نتائجه بشفافية وفعالية.
تحدّث اليافعون، ومقدمو الرعاية، والأشخاص المفتاحيّون عن تكبّد خسائر تعليمية فادحة أثناء النزاع. أولاً، نشأت أنظمة تعليمية متشظية، اتسمت بالتشوه والحوكمة المسيّسة، والنقص في المعلمين المؤهلين، واختلاف المناهج الدراسية، وتدني جودة التعليم. ثانياً، تعرضت البنية التحتية والتجهيزات إلى تدمير شديد أو استُعمِلت لأغراض أخرى مثل إيواء النازحين. ثالثاً حدّت سياسات الحصار والتمييز أيضاً من قدرة الأطفال واليافعين على الالتحاق بالمدارس. رابعاً، زادت جائحة كوفيد – 19 من تحدّيات توفير التعليم بما في ذلك إغلاق المدارس وعدم توفر بدائل لها، والمخاوف الصحية، وغياب التدابير الاحترازية. كما أسهم كل من انعدام الأمن وتزايد فقر الأسر في تزايد معدلات التسرب من المدارس. وعلاوة على ما سبق، قاد التدهور في الخدمات التعليمية العامة إلى توسّع في دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في مجال التعليم، وإن كان إسهامهما هذا متواضعاً مقارنة بالفاقد التعليمي الهائل.
أبدى اليافعون المشاركون في البحث إدراكهم لأهمية التعلم الرقمي، ولاسيما ضمن سياق النزاع. بيد أن معظمهم عبّر عن غياب فرصة الحصول على التعليم عبر الإنترنت بسبب النقص في المحتوى والمنصات باللغة العربية، وسوء خدمات الإنترنت والكهرباء، وارتفاع تكاليف الإنترنت وتجهيزاتها. وقد فاقم من هذا عدم تجهيز أو استخدام المختبرات في المدارس لتطوير مهاراتهم في مجال التعلم الرقمي. وقد تطرّق اليافعون إلى إيجابيات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وسلبياتها، حيث عبّروا عن تقديرهم لفكرة الحصول على المعلومات، والمعارف، والوصول إلى مصادر التعلم، والتواصل مع أفراد العائلة وأشخاص ينتمون إلى ثقافات مختلفة، وتطوير معارفهم الحياتية والاجتماعية، والعثور على فرص عمل، وتحقيق الدخل المادي. لكن العديد منهم سلّط الضوء على سلبيات من قبيل إضاعة الوقت، والتنمر، والتعرض للقرصنة، وفقدان الخصوصية، والاطلاع على المحتوى السيئ بما في ذلك العنف والمواد الإباحية، والإدمان، والعزلة، والمعلومات المضللة.
يُختتم البحث بمجموعة من السياسات والبرامج البديلة المبنية على أولويات اليافعين واليافعات، حيث تعالج هذه البدائل الأسباب الضمنية والمباشرة للنزاع والحرمان وانعدام المساواة، وذلك بهدف تجنّب إعادة إنتاج ذات التحديات والمظالم. وتشمل قائمة السياسات البديلة ما يلي: تعزيز دور اليافعين واليافعات كأشخاص فاعلين نشطين في تصميم وتنفيذ السياسات والتدخلات التي تهدف لتعليم الشباب؛ ووضع مبادرات تعليمية تهدف إلى مواجهة حالة الاستقطاب السائدة ضمن المجتمعات المحلية السورية وفيما بينها؛ وتعزيز الروابط التي تجمع بين التعليم والتنمية. أخيراً، يُجري البحث تقييماً لأهمية “برنامج تعليم اللغة الإنكليزية والرقمية للفتيات (إيدج)”، وخاصة بالنسبة للفتيات اليافعات، في السياق السوري. وتشمل قائمة ملاحق البحث تحليلاً مفصّلاً لكل مجال من المجالات المدروسة، لكي يُستعمل في التداخلات المستقبلية المفصّلة بحسب حاجة كل منطقة.